Monday, January 11, 2016

نحيا معاً او نموت فرادى ( الخروج من عنق الزجاجة )



يترقب العديد من المعنين بالحياة السياسية المصرية ذكري ثورة الخامس و العشرين من يناير و تجول بخاطرهم العديد من التساؤلات الممزوجة بالقلق من بعضهم و بالامل من البعض الاخر .. و لكن معظم المتابعين للوضع الحالي اياً كانت معسكراتهم الايدلوجية و توجهاتهم الفكرية يؤكدون استحالة استمرار الوضع الحالي من اغلاق المجال العام بهذا الشكل و قمع كل الاراء المعارضة بل ان اكثرهم تفاؤلاً يرنو الي قيام ثورة جديدة بسبب هذة الاوضاع التى لا تقارن بمثيلتها في عهد المخلوع مبارك من شدة القبضة الامنية و انغلاق المجال العام ..

لم تعلن اي حركة او تيار مدني تجهيز اي فعاليات لذكرى الثورة يرجع البعض ذلك الي ملاحقة الاجهزة الامنية للنشطاء السياسين , و الغريب في الامر ان التيار الاسلامي المتمثل في الاخوان لم يعلن هو الاخر عن اي فعاليات او لم ينفر نفيره العام او يوجه شبابه الي اي فعاليات .. يرجع البعض ذلك الخمول الي ميول الاخوان الي التهدئة مع النظام و لظهور انشقاقات داخل الجماعة و عدم سيطرة مكتب الارشاد على الشباب , اما البعض الاخر يفسر ذلك باتباع الاخوان لاجرائات سرية شديدة الكتمان لمفاجأة النظام .. كلاهما مجرد تكهنات و وجهات نظر لا تستند على اي مصادر ميدانية

بات من الجلى امامنا ان ما قد اسقط نظام مبارك لن يستطيع ان يقدماً نفعاً مع نظام السيسي .. بل العديد يرى ان سقوط نظام السيسي هو سقوط للدولة المصرية ككل و ان الدولة لن تخسر آخر معاركها و الشعب اخرج نفسه من تلك اللعبة و العديد من الثوار – حتى اشدهم تطرفاً و كرهاً للنظام – لن يخاطر بمصير تلك الدولة خاصتاً في ظل الظروف الاقليمية المحيطة التى تعصف بالمنطقة باسرها .. و لكن لن يحتمل الكثير ذلك الوضع بل ان الارهاب يتفشى و اليأس تسرب داخل نفوس الكثيرين و الوضع من ملتهب الي اشد التهاباً و الطريق مظلم معتم و النهاية محتومة الدمار للكل !! فهل من امل لنا جميعاً ؟!

الخروج من الازمة : 

يمكن تقسيم اطراف اللعبة السياسية الان الي ثلاث عناصر رئيسية :

1- المؤسسة العسكرية التى تسيطر حالياً على السلطة التنفيذية بالكامل و تتحكم في باقي السلطات بشكل فج و ملحوظ للقاصي و للداني
2- التيار الاسلامي المعتدل ( و المعتدل هنا تعني انه لم يحمل السلاح و التى يسعى الي تحقيق افكاره بطريقة سلمية حتى و ان اختلفنا حول مشروعية افكاره , بشكل ادق الاخوان و من يتبعهم الى الان )
3- التيار المدني المعارض ( تيار ثورة يناير سواء ليبرالي او يساري او غير محزب , ذلك التيار الذي يرغب في دولة علمانية تقوم على مبادئ الثورة من عيش و حرية و عدالة اجتماعية و دولة تحتضن الجميع السيادة فيها للقانون )
* هناك تيار تابع و هو تيار غير مؤثر بعينه رغم قوته الاقتصادية و الاعلامية و هو تيار رجال الاعمال و فلول نظام مبارك و ذلك التيار منقسم انقسام شديد الان , هناك من يرى ان مصلحته مع المؤسسة العسكرية حتى و ان ضيقت عليه الخناق و انه لا مجال الي ممارسة اعمالة الي بتسير اموره مع المؤسسة , و لكنهم كانو يطمحون الي العودة بالشكل القديم الي السلطة و لكن بعد معركة الانتخابات البرلمانية بات من الواضح ان المؤسسة العسكرية لا ترغب في تلك الوجوه القديمة ان تتصدر المشهد و لكنها لا تمانع ان تستمر اعمالها , و هناك من يرى انه لابد ان يعود الحزب الوطني بكل هيئته الي الصورة و ان النظام الحالي لا يوفر الحماية الشاملة لهم كما كان يفعل مبارك و انهم مجرد تابعين و ليسو اصحاب قرار .. ذلك التيار هو تيار شديد التعقيد و شديد الخطورة لسيطرته الكاملة تقريباً على الاعلام و قوته الاقتصادية التى تحتكر الاقتصاد المصري تقريباً بجانب اقتصاد المؤسسة العسكرية ..

المؤسسة العسكرية تراهن على ثبات الامور و لكنها تعي جيداً درس الماضي الغير بعيد و كيف اطاحت الثورة برموز الدولة الراسخة , و لكنها مازالت تتبع نفس الاستراتيجية القديمة التى لا تساعد في حل الازمة بل تزيدها اشتعالا و هي استراتيجة القمع و التدليس الاعلامي ..
الاخوان مازالو يراهنون على مرسي و على عودته ظناً منهم انهم اذا تنازلو عن عودة مرسي سيتم التنازل عن كل شئ و سيفقدو مصداقيتهم في الشارع بعد شلال الدماء بينهم و بين السلطة
التيار المدني حليف 30 يونيه و صانع الحشد الشعبي اصبح عدو اليوم لانهم مازالو يعتنقون مبادئ ثورة يناير التى لم يتحقق منها اي شئ بل عاد الوضع الي نظام مبارك و اسوء ..

اسئلة منطقية ..

- الي متى ستسطيع السلطة الحالية في الكذب على الناس ؟ و هل تعتقد فعلاً ان الناس يصدقونها ؟
- السجون مليئة بالمعتقلين و لكن الارهاب يزيد و الحياة السياسية تزداد تعقيداً , فهل يعيد النظام الحالي نظرته عن الحل الامثل للبقاء في السلطة و القضاء ؟
- هل حان الوقت للاخوان ان يدركو مدى غبائهم الذي اودى بحياة الثورة و الديموقراطية الوليدة ؟
- هل اصبح الاخوان و التيار المدني جاهزون لتقبل الاخر بل و تقبل بعضهم البعض ؟
- هل هناك نية لدى اجهزة الدولة و بالاخص الشرطة لاحترام المواطن و تغير فلسفتها في التعامل مع المواطنين و الحياة السياسية و الحريات ؟

المؤسسة العسكرية ترى انها صاحبة الحق الوحيد في الحكم .. الاخوان يرو انهم اصحاب الحق في الحكم و ان ما حدث هو انقلاب ضد الرئيس الشرعي المنتخب .. التيار المدني يرى ان الثورة لم تحقق اي نجاحات و ان النظام لم يتغير بعد سواء بحكم الاخوان او المؤسسة العسكرية ..
- المؤسسة العسكرية تستهدف الاخوان بشكل صريح و علنى و تتهم بالارهاب و تم تصفية الاف منهم و اعتقال عشرات الاف , بل انها تستهدف كل النشطاء من ابناء يناير اياً كانت توجهاتهم
- الاخوان يستهدفون المؤسسة العسكرية و الداخلة حتى و ان لم يعلنو ذلك بشكل صريح لانهم مازالو يراهنون على السياسة الدولية و لكن قيادتهم الميدانية و شبابهم لا يمانعون في استهداف تلك المؤسسات و لكن عقلية شباب الاخوان ليست تلك العقلية الجهادية و لكن للاسف هناك من يفقد الامل في الجماعة و في السلمية و يتجه الي ذلك التيار
- التيار المدني محبط للغاية فلن يضع يده في يد الاخوان بعد فاشيتهم في الحكم الذي ظهرت في سنة حكم مرسي و بعد خيانتهم للثورة في سبيل وصولهم الي كرسي الحكم و لكن في نفس الوقت التيار الحاكم الحالي لم يعطهم اي فرصة لممارسة الحياة السياسية او الحصول على اقل حقوقهم الدستورية , فقمعهم و نكل بهم و كمم الافواه و قصف الاقلام .. فذلك التيار الان بين مطرقة الاخوان و سندان المؤسسة العسكرية ..

الحل
هو تخلي كل تيار عن احلامة التى لا يشاركها مع الجميع , فلن تحكم المؤسسة العسكرية مصر الي الابد و لن يستطيع الاخوان تأسيس خلافتهم المزعومة و لن تحصل القوى المدنية على تلك الدولة العلمانية الكاملة .. و لكن من الممكن ان يحصل كل منا على الحد الادني لمبادئه التى ضحى في سبيلها بحياته ,,
نستطيع ان نحيا في دولة يرعي الجيش بمؤسسته مدنيتها و عدم المساس بالحريات و حقوق الاقليات و ممارسة السياسة بالشكل المنصوص عليه بالدستور و عدم التنكيل بالمعارضين , يكون فيها الجيش هو الحامي للدستور الذي توافقت عليه شتى القوى المذكورة و الذي يرعى حقوق المواطن و التداول السلمي للسلطة و حياد اجهزة الدولة و الفصل الكامل للسلطة القضائية و ذلك نظير عدم المساس بميزانيته مثلاً او بمشاريعه و عدم التدخل في قيادته و وزير دفاعه ( و ذلك تنازل كبير لدي البعض ان كنتم تعلمون ) ..
نستطيع ان نحيا في دوله يكون فيه الاخوان جزء من السلطة بل السلطة كلها ان اوصلتهم الصناديق اليها و لكن مع عدم المساس بمدنية الدولة او استهداف تيار او طائفة بعينها او تصفية حسابتها القديمة مع بعض التيارات او المؤسسات او الاسماء , مع عدم المساس بالدستور او الالتفاف حوله , مع عدم الحث على العنف او كره الاخر بسبب دين او عرق او نوع .. و ان المسجد للعلم و الصلاة و ليس منبرً للسياسة سواء لهم او لأي تيار ..
نستيطع ان نحياً في دولة تحترم فيها الشرطة النشطاء و لا تنظر لهم نظرة المارقون الفاسدون او الشواذ و ان يحترم النشطاء الضباط الذين يؤدون عملهم و يحترمون مؤسسة الشرطة ككل نظير تعهدها بعدم العودة الي ماضيها القبيح من تعذيب و تنكيل و تلفيق للمواطنين و الابراياء و استهداف للنشطاء و المعارضين , سيندمج الشباب و التيار المدني في الدولة و مؤسستها و ستعود اليه روح يناير بمجرد ان يرى ان ما كان يحلم به بات قاب قوصين او ادني من الواقع , و سيزين الشوارع من جديد ولكن بشرط ان يرى خطوات جدية لتحقيق العدالة الاجتماعية و اشراكة في القرار و تحملة المسؤلية مع السلطة الحاكمة اياً كان تيارها ..

ملخص القول :
 
علينا ان نحيا جميعاً حتى و ان اختلفت رؤيتنا و تفاوتت اهدافنا افضل من ان نموت فرادى و تموت الدولة المصرية بموتنا .. على البعض التخلي عن ثأر الماضي ليحي اولاده مستقبل مشرق بدلاً من شلال من الدماء .. على الجميع احترام الجميع و التخلي عن افكار الانفراد بالسلطة لان الوضع الحالي لن يستطيع تيار منفرداً اياً كان ان يتجاوزه وحيداً .. التطهر و الاعتراف باخطاء الماضي و التعهد بعدم تكرارها و اعطاء الضمنات لذلك شرط للمصالحة .. من هم خارج المصالحة اعداء للجميع و ليس لتيار بعينه و لكن يجب احترام حقهم ورأيهم السياسي و التعبير عنه بحرية بكل الاشكال التى يحقها الدستور .. القضاء هو عماد الدولة فالدولة المسيس قضائها هي عصابة وليست دولة فحياد القضاء و نزاهته امر حتمي و على الجميع عدم تسيس القضاء و عدم استقطاب القضاه و من يثبت ميله الي تيار او حزب بعينه يجب توقيع عقوبات مشدده عليه ..
حياد و نزاهة القضاء , شفافية الشرطة و احترامها للمواطن , حماية الجيش لمقدرات الوطن و دستوره و مدنية الدولة و الوقوف على مسافة واحدة من كل التيارات , مصلحة الوطن و المواطن هي الهدف الاول لكل السياسين من كل التيارات , فصل المسجد و الكنيسة عن السياسة و وقوفهم بجانب الوطن و ليس بجانب اي تيار بعينه ..

و بهذا نحيا جميعاً ..